سجل البيتكوين عودة جديدة على ساحة الاقتصاد العالمي، و لكن هذه المرة بوجه جديد و لاعبين جدد، فمَا سبب تفوق دول الشرق الأوسط في هذا المجال؟
يسلط نمو الشرق الأوسط كلاعب أساسي في صناعة العملات المشفرة الضوء على أهمية التعلم من التحديات السابقة وإمكانات الابتكار في المستقبل. رغم التحديات المتعددة التي تواجه صناعة العملات المشفرة، بما في ذلك الإجراءات الصارمة التنظيمية، والانهيارات المصرفية، والتضخم، فقد شهدت عملتا بيتكوين و الإيثر وغيرها من العملات الأصغر نموًا كبيرًا منذ بداية عام 2023.
حيث يسجل نشاط التداول في أسواق العملات الرقمية أرقاما لم نشهدها منذ أكثر من سنتين. عملة البيتكوين مثلا تسجل حاليًا ارتفاعًا بنسبة 72٪، في حين ارتفع الإيثر بنسبة 62 ٪. و لا يتوقف الأمر عند حد الزيادات الصرفة في قيمة التداول، فقد شهد مجال العملات الرقمية أيضا انضمام المزيد من المستخدمين لمنصات التداول و ظهور المزيد من شركات البحث والتطوير المختصة في المجال على الرغْم من التحديات التنظيمية المختلفة وتقلبات الأسعار التي شهدتها خلال عام 2022.
دفع هذا النمو و الحركية الجديدة الكثيرين إلى التساؤل عما إذا كان ما يسمى بـ “شتاء العملات المشفرة” قد انتهى أخيرًا. الإجابة عن هذا السؤال قد تقودنا لتأكيد ما يعرف بفرضية الدورة التي مدتها أربع سنوات، التي تفترض أن نشاط التداول في أسواق العملات الرقمية يشهد قممًا ووديانًا في دورة مدتها أربع سنوات تقريبًا. والعالم حاليًا يتوجه حاليا لتسلق القمة الجديدة. و يعزز هذه النظرية حقيقة أن بيتكوين لم تشهد مطلقًا عامين سلبيين متتاليين. كل هذه المعطيات تدفع المحللين للتفاؤل بشأن مستقبل سوق العملات الرقمية خلال ما تبى من سنة 2023 و بداية سنة 2024.
الأثر الإيجابي لظهور إجراءات الترخيص واللوائح التنظيمية
تسلط التشريعات الحديثة في جميع أنحاء العالم – خاصة في الاتحاد الأوروبي وآسيا والشرق الأوسط – الضوء على الأهمية المتزايدة للترخيص والتنظيم في مجال العملات الرقمية. على سبيل المثال، صوت البرلمان الأوروبي مؤخرًا لمصلحة إدخال لوائح جديدة لترخيص التداول في هذه العملات المشفرة، مما يجعله أول لائحة تنظيمية رئيسية تجمع قوانين شاملة تتعلق بمجال الأصول الرقمية.
و في سياق مماثل منحت سلطة النقد السنغافورية الإذن لشركة Coinbase مرة أخرى في أكتوبر 2022 لتقديم خِدْمَات الدفع بالعملات الرقمية في البلاد، في حين تمكنت Binance من تأمين ترخيص لتقديم خدمة أصول عملات رقمية في البحرين. كل هذه التطورات المتسارعة تبين القبول المتزايد للعملات المشفرة حول العالم، سواءًا من قبل الحكومات أو المواطنين. كما تبين أيضا أهمية وجود لوائح تنظيمية واضحة تضمن معاملات شفافة و عادلة و توفر الأساس للاستقرار و النجاح في هذا المجال الناشئ.
هيمنة الشرق الأوسط المتزايدة على سوق العملات الرقمية
برز الشرق الأوسط كلاعب مهم في مجال العملات المشفرة، حيث تقود الإمارات والبحرين الجهود الرامية لإنشاء و تنفيذ اللوائح التنظيمية للمساعدة في تعزيز تبني العملة المشفرة. كبداية، بين عامي 2020 و 2022، شهدت الإمارات العربية المتحدة زيادة بنسبة 400٪ في عدد الشركات المسجلة الناشطة في مجال العملات الرقمية. أدى هذا النمو إلى زيادة هائلة في حجم تداول الأصول الرقمية، حيث تمثل المنطقة ما يقرب من 10 ٪ من حجم التداول العالمي في العملات المشفرة.
شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيًا أيضًا نموًا كبيرًا في تبني العملات الرقمية على مستوى المؤسسات المحلية، حيث دخلت العديد من الشركات الناشطة في المجال في شراكات مع كيانات تجارية محلية، بما في ذلك ماجد الفطيم ومنتجعات جبل علي وبلازو فيرساتشي و ايزي باي. علاوة على ذلك، تُظهر مبادرة بلوك شاين لمحاكم مركز دبي المالي العالمي (DIFC) ودمج تقنية بلوك شاين في محاكم ADGM التزام حكومة الإمارات العربية المتحدة باستخدام الحلول المرتكزة على تقنية بلوك شاين لتبسيط العمليات القضائية.
فيمَا يتعلق بالتعليم والتوعية في مجال التشفير، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيَا زيادة بنسبة 300 ٪ في البرامج التعليمية وورش العمل المتعلقة بال بلوك شاين خلال نفس المدّة الزمنية. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي عام 2022، استحوذ الشرق الأوسط على ما يقرب من 8٪ من إجمالي نشاط تعدين العملات المشفرة العالمي.
إعادة هيكلة مشهد الأصول الرقمية في الشرق الأوسط
في الوقت الذي تستمر فيه منطقة الشرق الأوسط في تعزيز موقعها كلاعب أساسي في مجال العملات المشفرة. يجب علينا أيضا تسليط الضوء على تطور كبير آخر وهو الشراكة بين شركة التشفير MaskEX وحكومة الإمارات العربية المتحدة. حيث قامت MaskEX بتطوير نظام دفع آمن يلبي متطلبات برنامَج الامتثال MSB و يلتزم باللوائح التنظيمية المحلية الأخرى.
أدت الشعبية المتزايدة لشركة MaskEX في الإمارات العربية المتحدة إلى تطوير مفهوم جديد للمدينة الذكية في المنطقة. و تخطط الشركة لاستخدام تقنيتها المبتكرة لتحسين جودة الخِدْمَات و تسهيل الوصول إليها، إضافة لزيادة الكفاءة والاستدامة، والمساهمة في تحقيق رؤية أبوظبي 2030.
وبدعم من المساهم الجديد في MaskEX، الشيخ ركاض بن سالم بن ركاض، تخطط الشركة لخلق بيئة فريدة في سوق الإمارات العربية المتحدة لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر وتطوير حلول مبتكرة.
ما مستقبل البيتكوين في الشرق الأوسط
مع استمرار مجال الأصول الرقمية في هذا المسار التصاعدي السريع و مثير للإعجاب، فإن نمو الشرق الأوسط كلاعب رئيسي في الصناعة يسلط الضوء على أهمية التعلم من التحديات السابقة وإمكانات الابتكار في المستقبل. إن تطوير إطار شامل ترخيص وتنظيم المجال، فضلًا عن وضع خطط توسع واضحة وطموحة لشركات مثل MaskEX، يشير إلى مستقبل مشرق للسوق في العالم عامة و في الشرق الأوسط بصفة خاصة.